تجربة “الكون 25” واحدة من أكثر التجارب رعباً على الإطلاق

إذا أعجبتك المقالة, يمكنك مشاركتها عبر صفحتك في مواقع التواصل الإجتماعي

أظهرت مجموعة من التجارب التي أجريت على القوارض أنّه حتى لو توافر لديهم الطعام والماء الكافي، فإنّ عدم وجود المساحة الشخصية الكافية كفيل في إنهاء حياتهم.

في 22 حزيران من عام 1972 وقف “جون كالهون” أمام تلك المدينة المهجورة والتي كانت سابقاً مزدهرة تضمّ الآلاف، أمّا الآن فقد تناقص عددهم إلى 122 فقط، ومن المتوقع أن يموت هؤلاء الناجون أيضاً.

لم يكن “كالهون” ناجياً من كارثة طبيعية أو انفجار نووي، بل كان باحثاً في المعهد الوطني للصحة العقلية ويجري تجارباً حول آثار التزاحم والاكتظاظ على سلوك الفئران، وقد وصل إلى نتائج عظيمة بعد سنوات من العمل الجاد.

في عام 1968 بدأ “كالهون” تجربته بإدخال 4 فئران إلى حُجيرة أطلق عليها اسم “جنة عدن الحقيقية للقوارض”، إذ كانت الحجيرة تضم غرفاً كثيرة ومصادر غير منتهية من الطعام والمياه، ولكن المشكلة الوحيدة في هذه الجنة كانت مساحتها الضيقة، وتوقّع “كالهون” أنّ المسألة مسألة وقت فقط قبل أن تحدث المشاكل بين الفئران في الجنة.

يقول “إدموند رامسدن” مؤرخ العلوم في جامعة “كوين ماري” في لندن: أجرى “كالهون” تجارب كثيرة مماثلة لهذه التجربة خلال عقود طويلة، ولكنّه كان مجبراً على إنهائها في وقت مبكر لأسباب مختلفة، وظل يكرّر التجربة حتى تمكّن من إنهاء واحدة منها، وأطلق عليها اسم “الكون 25″، لقد كانت أول تجربة تمكن من إنهائها حول تأثير الازدحام على الفئران.

في التجربة وكما توقع الباحث، أصبحت المدينة الفاضلة التي يعيش ضمنها الفئران مخيفة جدّاً وذلك بعد عام من ازدهارها وتكاثرهم ضمنها، فقد تناقص عددهم بشكل مفاجئ وأصبحت الفئران عنيفة وأظهرت سلوكيات جنسية غير طبيعية، وبدأت تهمل صغارها وتهاجمهم، وقد وصف “كالهون” هذا الانهيار المفاجئ في حياة الفئران بـ “التراجع السلوكي”.

ولم تقتصر المشكلة على تناقص عدد الفئران وسلوكهم العنيف، بل أظهرت نهاية تجربة “الكون 25” منعطفاً غريباً آخر، إذ لم تتمكن الفئران الجديدة المولودة في هذا المجتمع السيء من تكوين علاقات اجتماعية جيدة مع أقرانهم، وخصوصاً السلوكيات الاجتماعية المتطورة مثل التزاوج والتكاثر وتربية الصغار.

على سبيل المثال، بدلاً من انخراط ذكور الفئران في علاقات مع أقرانهم، هاجموا بعضهم بعضاً وأظهروا سلوكاً عنيفاً، كذلك توقفت إناث الفئران عن الحمل والإنجاب، وذكر “رامسدن” أنّ نموّ الفئران توقف في مرحلة طفولية باكرة، وحتى بعد إخراجهم من تجربة “الكون 25” وإعادتهم إلى عالم الفئران الحقيقي، فقد ماتوا جميعهم، يقول “رامسدن”: لا يوجد علاج مما حدث لهم، وهذا ما صدم الباحث “كالهون”.

تجربة "الكون 25"

إحدى المواضيع التي وُضعت للنقاش هي هل من الممكن أن يحدث للبشر ما حدث للفئران في هذه التجربة إذا وُضعوا في ظروف مماثلة؟

لم يعتقد “كالهون” أنّ البشرية محكوم عليها بالفشل مثلما حدث مع الفئران، وأكّد على ذلك بعد إجرائه المزيد من تجارب الازدحام، ولكن أضاف في التجارب الجديدة المزيد من الغرف في حجيرة التجربة وبالتالي وفّر المزيد من المساحة الشخصية للفئران، وهو ما ساهم في تقليل النتائج الاجتماعية السلبية والسلوكيات الغريبة على الرغم من عيش الفئران في بيئة عالية الكثافة السكانية.

وفقاً لـ “رامسدن” يريد “كالهون” أن تفيد نتائج تجربته في تحسين التصميم المعماري للسجون ومشافي الأمراض العقلية وغيرها من المنشآت المعرضة للازدحام، وذكر “كالهون” في تقريره عام 1979: ” إنّ أكثر ما يؤثر سلباً على حياة الإنسان ورفاهيته هي الظروف المحيطة به والبيئة التي يعيش فيها، إذ أنّها تشغل تفكير الإنسان وتؤثر عليه أكثر قضايا تأمين الطعام والماء”.

تعليق واحد

اترك تعليقاً