6 أوبئة وأمراض أرعبت البشرية

إذا أعجبتك المقالة, يمكنك مشاركتها عبر صفحتك في مواقع التواصل الإجتماعي

دخلنا العقد الجديد مع خوف كبير على صحتنا، إذ قتلت طفرة متطورة من فيروس كورونا آلاف الناس منذ الإعلان عن أول إصابة في مدينة “يوهان” في الصين، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها الأمراض على مستوى العالم، فنشوء فيروس كورونا وانتشاره ما هو إلّا واحد من سلسلة من الأوبئة والفاشيات التي ظهرت على مر العصور، بدءاً من عهد الإمبراطورية البيزنطية ووصولاً إلى العصر الحديث.

إليكم 6 أوبئة وأمراض كادت أن تتسبب بإبادة البشرية كاملة..


1- طاعون جستنيان

قبل فترة طويلة من ظهور الطاعون الأسود القاتل، ظهر طاعون جستنيان وهو الوباء العالمي الأول وفقاً للوثائق التاريخية، سُمي على اسم حاكم الإمبراطورية البيزنطية آنذاك والذي كاد أن يموت بسببه، وقد بدأ هجوم جراثيم “يرسينيا بيستيس” (الجراثيم المسببة لحدوث الطاعون) عام 541 بعد الميلاد، وقتل المرض ملايين لا تحصى من الناس.

من المتوقع أن يكون الوباء قد وصل إلى القسطنطينية بواسطة الجرذان التي كانت على متن سفن الحبوب القادمة من شمال أفريقيا، وحوّل وباء الطاعون هذا مدينة القسطنطينية العظيمة إلى مدينة تفوح منها رائحة الموتى، كُدست الجثث فوق بعضها دون أن تُدفن، وتراجع اقتصاد الإمبراطورية البيزنطية الذي كان متهالكاً بالأساس نتيجة للحروب.

طاعون جستنيان

يقدّم لنا وباء طاعون جستنيان إثباتاً على دور وسائل الإعلام في تضخيم الأمور والتعامل بعدم مسؤولية مع أخبارها أثناء انتشار الأوبئة، إذ كتب المؤرخ بروكوبيوس “كانت البشرية بأكملها على حافة الموت” (وهذا ليس دقيقاً)، وكتب أيضاً “كان الحاكم جستنيان عبارة عن شيطان بجسد إنسان يريد قتل الشعب” (غير محتمل).


2- الموت الأسود

خضعت أوروبا في عام 1347 ميلادي إلى واحد من أشهر الأوبئة على مر التاريخ “الموت الأسود”.

إلى الآن لا يزال العلماء والمؤرخون يبحثون في مصدر انتقال الطاعون الأسود إلى أوروبا، ويجمع معظمهم أنّ الصين هي البؤرة الأساسية لتفشي المرض.

ومن المثير للاهتمام أنّ بعض المؤرخين اقترحوا أنّ وصول الطاعون الأسود إلى أوروبا هو شكل من أشكال الحرب البيولوجية، وجاء الاقتراح بعد ما فعله المغول عند محاصرتهم مدينة كافا الساحلية في شبه جزيرة القرم، إذ يُقال أنّهم تعمّدوا رمي جثث موتاهم المليئة بالطاعون فوق جدران المدينة بغية نقل الإصابة إلى سكانها، وأبحر سكان المدينة إلى مدن أخرى مثل البندقية وغيرها خوفاً من العدوى، ويقول أحد المؤرّخين “كان يبدو عليهم وكأنّهم يحملون على السفينة أرواحاً شريرة”.

سواء ساهم سكان مدينة كافا في نقل عدوى الطاعون إلى مختلف مدن أوروبا أو لا، كان لوباء الموت الأسود تأثير مرعب، لقد قضى على أكثر من 60% من سكان أوروبا وفقاً للمؤرخين.

الموت الأسود

وقدم أحد المؤرخين في فرنسا بياناً مرعباً يصف فيه كيف تعامل المجتمع الأوروبي مع الوباء “دُفنت الجثث فوق بعضها البعض في مقابر جماعية، كانت طبقات الجثث والتراب مشابهة تماماً لطبق اللازانيا المكوّن من طبقات المعكرونة والجبن”.


3- الطاعون العظيم في لندن

حوالي ربع سكان لندن ماتوا في وباء الطاعون العظيم الذي أصاب المدينة عام 1665 ميلادي، وقد كان عبارة عن وباء وليس جائحة لأنّه لم ينتشر عبر القارات، ولكن بالنسبة لسكان مدينة لندن الذين كانوا يعيشون في الوحل والقذارة، فقد كان انتشار الوباء عندهم كأنّه كابوس مرعب.

أصيب أفقر الناس بالمرض وماتوا وسط الشوارع المليئة بروث الحيوانات وغيرها من القذارة، وأغلقت منازلهم بالصلبان الحمراء المشؤومة، بينما هرب أثرياء المدينة ومن بينهم الأمير “تشارلز الثاني” إلى الريف حيث النظافة والأمان.

الطاعون العظيم في لندن

تحدّث كاتب اليوميات “صموئيل بيبس” عن الأجواء الكئيبة في لندن آنذاك “لا أحد سوى الفقراء البؤساء في الشوارع”، وذكر أيضاً “أصوات أنين المصابين كانت تسمع في الليل والنهار وكذلك أصوات الأجراس التي تعلن عن الاستعداد لنقل الموتى إلى قبورهم”.

لحسن الحظ كان عمر هذا الطاعون العظيم قصير نسبياً، واعتقد الكثيرون أنّ حريق لندن العظيم الذي اندلع عام 1666 كان له دور كبير في القضاء على المرض.


4-    جائحة الكوليرا الثالثة

تحدث الكوليرا بسبب عدوى جرثومية، وتعدّ مرضاً قاتلاً يسبب جفاف الجسم وموت المصاب، وقد قتل المرض الملايين من الناس أثناء تفشيه خلال القرون الماضية.

نشأت الجائحة الثالثة للكوليرا في الهند في منتصف القرن التاسع عشر قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم، وقد كانت نقطة تحوّل في فهمنا لكيفية التعامل مع المرض.

جائحة الكوليرا الثالثة

في ذلك الوقت ذكرت “نظرية الميازما” أنّ عدوى الكوليرا كانت نتيجة الهواء السيء المتصاعد من المواد المتعفنة، إلى درجة أنّ المصلح الاجتماعي الفيكتوري العظيم إدوين تشادويك كان يؤمن بعبارة “كلّ رائحة كريهة هي مرض”.

ولكن رجل واحد فقط توصل إلى الحقيقة، إنّه الطبيب “جون سنو” الذي اتبع طرقاً منهجية في تفسير إصابة سكان منطقة سوهو في لندن بالكوليرا، إذ أدرك أنّ لدى المصابين شيء واحد مشترك، وهي مضخة المياه التي تغذي المنطقة.

أقنع “جون سنو” العاملين بإزالة مقبض المضخة، مما أدّى إلى توقف وصول الماء إلى المنطقة المصابة، وشيئاً فشيئاً انتهى وباء الكوليرا في لندن، ولا يزال سكان لندن يحتفلون بذلك إلى الآن على اعتبارها نقطة تحول هامة في فهم مرض الكوليرا.


5- الإنفلونزا الإسبانية

على الرغم من أعراضها الشديدة وآثارها الكارثية، إلّا أنّه عندما ظهرت لأول مرة في عام 1918 لم يدرك أحد أنّ ما يعاني منه هو أعراض الإنفلونزا الإسبانية، وظنّ الناس أنّ ما أصابهم مجرّد “نزلة برد”، وتهاونت السلطات مع القضية نظراً لانشغال الجميع آنذاك بالحرب العالمية الأولى.

لم تبدأ “الإنفلونزا الإسبانية” في إسبانيا كما تبدو، ويعتقد أنّ اسمها نشأ لأنّ إسبانيا كانت دولة محايدة أثناء الحرب العالمية الأولى وكذلك الصحافة الإسبانية كانت حرّة تنشر الحقيقة على خلاف بقية الدول التي فرضت رقابة على صحافتها أثناء الحرب العالمية، لذلك عندما نشرت قصصاً عن تفشي المرض المرعب، فقد نُسب المرض إلى إسبانيا.

الإنفلونزا الإسبانية

وقد أدى انتشار الجائحات العالمية في السنوات الأخيرة مثل “إنفلونزا الخنازير” إلى إعادة النظر بما حدث أثناء جائحة “الإنفلونزا الإسبانية” بهدف زيادة الوعي العام والتحذير من حدوث كارثة أسوأ من التي حدثت في الماضي.

حتى الآن لم يتأكد الخبراء من مكان نشوء الأنفلونزا الإسبانية H1N1، وكانت معظم الآراء تتهم القوات العسكرية في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، إذ ساعدت أحداث الحرب وانتشار القوات في أنحاء أوروبا على تفشي المرض بسرعة إضافة إلى ما نتج عنه من آثار كارثية خلّفت وراءها أكثر من 100 مليون ضحية.


6- فيروس نقص المناعة المكتسبة/الإيدز

في عام 1981 تفاجأ الأطباء الأمريكيون بعدد المثليين المصابين بنوع فريد من ذات الرئة وبنوع نادر من سرطان الجلد، ومع الدراسة المكثفة اكتشف الأطباء فيروسات جديدة تهاجم جهاز المناعة في جسم الإنسان وتضعفه، ليصبح عرضة للإصابة بأمراض نادرة لا تصيب الأصحاء، إنّها فيروسات نقص المناعة المكتسبة، وفي وقت لاحق تبيّن أنّ المرض يصيب الجميع ولا يقتصر فقط على المثليين.

يعتقد العلماء أنّ فيروس عوز المناعة المكتسب نشأ في أفريقيا وأصاب الإنسان في القرن العشرين، وقد أثبت تحليل الحمض النووي لعينات قديمة من الأنسجة المحفوظة أنّ فيروس نقص المناعة المكتسبة أصاب الإنسان منذ وقت طويل قبل اكتشافه في ثمانينات القرن العشرين، ومن بينها كانت عينة لصبي اسمه “روبيرت رايفورد” توفي عام 1968 بعمر 15 سنة.

فيروس نقص المناعة المكتسبة - الإيدز

خلال ذروة تفشي الوباء في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، مات عدد ضخم من المثليين في الدول الغربية، وتوفي الكثير من الأفارقة نتيجة الأمراض المرتبطة بالإيدز، وما زاد الأمر سوءاً على المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة هو مشاعر الخوف والتوتر والوصمة الاجتماعية التي تصاحبهم نتيجة الإصابة.

قُدّر عدد ضحايا وباء فيروس نقص المناعة المكتسبة بحوالي 32 مليون شخص، ولحسن الحظ تمكّن الأطباء من اكتشاف الزمر الدوائية القادرة على ضبط تكاثر فيروس عوز المناعة المكتسب والتخفيف من أعراضه، فتراجع الوباء وتحوّل مصير المصابين من الموت المحتّم إلى البقاء على قيد الحياة والتعايش مع وجود الفيروس في أجسامهم.


المصدر

إذا أعجبتك المقالة, يمكنك مشاركتها عبر صفحتك في مواقع التواصل الإجتماعي
تعليق واحد

اترك تعليقاً